أحكام أيام التشريق ، وطواف الوداع
بعد طواف الإفاضة يوم العيد يرجع إلى منى ، ويبيت بها وجوباً ؛ لحديث عاصم بن عدي أن النبي (( رخَّص لرعاء الإبل في البيتوتة خارج منى )) رواه الخمسة وصححه الترمذي ، ولأن العباس استأذن النبي أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، متفق عليه . ولقول عمر : ( لا يبيتنَّ أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة ) رواه مالكٌ بسندٍ صحيح . فيبيت بمنى ثلاث ليال إن لم يتعجَّل ، وإن تعجَّل بات ليلتين : ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر ، وقدر الواجب معظم الليل . ويصلي الصلوات فيها قصراً بلا جمع ، بل كل صلاة في وقتها .
ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال ؛ لحديث جابر : (( رمى رسول الله الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس )) متفق عليه . وقال ابن عمر-رضي الله عنهما-: ( كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا ) رواه البخاري وأبو داود ، وقوله : ( نتحين ) أي: نراقب الوقت المطلوب ، ولقوله : (( لتأخذوا عني مناسككم )) .
فالرمي في اليوم الحادي عشر وما بعده يبدأ وقته بعد الزوال ، وقبله لا يجزئ ؛ لهذه الأحاديث .
فيبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف ، فيرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة ، ويقول مع كل حصاة : (( الله أكبر )) ثم يتقدم على الجمرة أمامها ، حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة ، ثم يرفع يديه ويدعو طويلاً بقدر سورة البقرة ، ثم يأتي إلى الجمرة الوسطى ، فيرميها كذلك ، ثم ينحدر ذات اليسار فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ، فيستبطن الوادي ويستعرض الجمرة ، فيجعل البيت عن يساره ، ومنى عن يمينه فيرميها بسبع حصيات ... فإذا أكمل الرمي رجع من فوره ، ولم يقف عند جمرة العقبة ، فقيل : لضيق المكان بالجبل ، وقيل- وهو أصح -: إن دعاءه في نفس العبادة قبل الفراغ منها ، فلما رمى جمرة العقبة فرغ الرمي ، والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منها ، وهذا كما كانت سنته في دعائه في الصلاة ؛ إذ كان يدعو في صلبها .
ولابد من ترتيب الجمرات على النحو التالي : يبدأ بالجمرة الأولى وهي التي تلي منى قرب مسجد الخيف ، ثم الجمرة الوسطى ، وهي التي تلي الأولى ، ثم الجمرة الكبرى ، وتسمَّى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة ، يرمي كل جمرة بسبع حصيات متوالية ، ولابد أن تقع كل حصاة في الحوض سواء تيقَّن ذلك أو غلب على ظنه ، سواءً استقرت فيه أو سقطت منه بعد ذلك فإن لم تقع في الحوض لم تجزئِ .
مسألة : ويجوز للمريض وكبير السن والمرأة الحامل أو التي يخاف عليها من شدة الزحمة في الطريق أو عند الرمي ، ونحوهم من أهل الأعذار أن يوكلوا من يرمي عنهم .
ويرمي النائب كل جمرة عن مستنيبه في مكان واحد ، ولا يلزمه أن يستكمل رمي الجمرات عن نفسه ، ثم يبدأ برميها عن مستنيبه ؛ لما في ذلك من المشقة والحرج في أيام الزحام .
مسألة : ثم بعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر ؛ إن شاء تعجل وخرج من منى قبل غروب الشمس ، وإن شاء تأخَّر وبات ورمى الجمرات الثلاث بعد الزوال في اليوم الثالث عشر ، وهو أفضل ؛ لقوله تعالى : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
وإن غربت عليه الشمس قبل أن يرتحل من منى لزمه التأخر والمبيت والرمي في اليوم الثالث عشر ؛ لأن الله -تعالى- يقول : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ .. واليوم اسم للنهار ، فمن أدركه الليل فما تعجل في يومين لكن إن شرع في الخروج أو الرمي ثم غربت الشمس فله أن يتعجل .
المرأة الحائض : والمرأة إذا حاضت أو نفست قبل الإحرام ثم أحرمت ، أو أحرمت وهي طاهرة ثم أصابها الحيض أو النفاس وهي محرمة ، فإنها تبقى في إحرامها ، وتعمل ما يعمله الحاج من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى ؛ إلا أنها لا تطوف بالبيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر من حيضها أو نفاسها .
لكن لو قدر أنها طافت وهي طاهرة ثم نزل عليها الحيض بعد الطواف ، فإنها تسعى بين الصفا والمروة ، ولا يمنعها الحيض من ذلك ؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة .
طواف الوداع : فإذا أراد الحاج السفر من مكة والرجوع إلى بلده أو غيره لم يخرج حتى يطوف للوداع بالبيت سبعة أشواط إذا فرغ من كل أموره ولم يبق إلا الركوب للسفر ؛ ليكون آخر عهده بالبيت ، إلا المرأة الحائض فإنها لا وداع عليها ، فتسافر بدون وداع ؛ كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض )) متفق عليه ، وفي رواية عنه قال : كان الناس ينصرفون من كل وجه ، فقال النبي : (( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )) رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه . وعن ابن عباس : (( أن النبي رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت للإفاضة )) رواه أحمد . وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت : حاضت صفية بنت حيي-رضي الله عنها- بعدما أفاضت ، قالت : فذكرت ذلك لرسول الله فقال : (( أحابستنا هي؟ )) قلت : يا رسول الله ! إنها قد أفاضـت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة ، قال : (( فلتنفر إذاً )) متفق عليه .
فإن طال بقاؤه بعد طواف الوداع أعاد إلا إذا كان لانتظار رفقة ، أو لإصلاح مركوبه وشد رحله ، أو لأمور يسيرة كغداء ، أو شراء حاجة ، ونحو ذلك .
ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال ؛ لحديث جابر : (( رمى رسول الله الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس )) متفق عليه . وقال ابن عمر-رضي الله عنهما-: ( كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا ) رواه البخاري وأبو داود ، وقوله : ( نتحين ) أي: نراقب الوقت المطلوب ، ولقوله : (( لتأخذوا عني مناسككم )) .
فالرمي في اليوم الحادي عشر وما بعده يبدأ وقته بعد الزوال ، وقبله لا يجزئ ؛ لهذه الأحاديث .
فيبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف ، فيرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة ، ويقول مع كل حصاة : (( الله أكبر )) ثم يتقدم على الجمرة أمامها ، حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة ، ثم يرفع يديه ويدعو طويلاً بقدر سورة البقرة ، ثم يأتي إلى الجمرة الوسطى ، فيرميها كذلك ، ثم ينحدر ذات اليسار فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ، فيستبطن الوادي ويستعرض الجمرة ، فيجعل البيت عن يساره ، ومنى عن يمينه فيرميها بسبع حصيات ... فإذا أكمل الرمي رجع من فوره ، ولم يقف عند جمرة العقبة ، فقيل : لضيق المكان بالجبل ، وقيل- وهو أصح -: إن دعاءه في نفس العبادة قبل الفراغ منها ، فلما رمى جمرة العقبة فرغ الرمي ، والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منها ، وهذا كما كانت سنته في دعائه في الصلاة ؛ إذ كان يدعو في صلبها .
ولابد من ترتيب الجمرات على النحو التالي : يبدأ بالجمرة الأولى وهي التي تلي منى قرب مسجد الخيف ، ثم الجمرة الوسطى ، وهي التي تلي الأولى ، ثم الجمرة الكبرى ، وتسمَّى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة ، يرمي كل جمرة بسبع حصيات متوالية ، ولابد أن تقع كل حصاة في الحوض سواء تيقَّن ذلك أو غلب على ظنه ، سواءً استقرت فيه أو سقطت منه بعد ذلك فإن لم تقع في الحوض لم تجزئِ .
مسألة : ويجوز للمريض وكبير السن والمرأة الحامل أو التي يخاف عليها من شدة الزحمة في الطريق أو عند الرمي ، ونحوهم من أهل الأعذار أن يوكلوا من يرمي عنهم .
ويرمي النائب كل جمرة عن مستنيبه في مكان واحد ، ولا يلزمه أن يستكمل رمي الجمرات عن نفسه ، ثم يبدأ برميها عن مستنيبه ؛ لما في ذلك من المشقة والحرج في أيام الزحام .
مسألة : ثم بعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر ؛ إن شاء تعجل وخرج من منى قبل غروب الشمس ، وإن شاء تأخَّر وبات ورمى الجمرات الثلاث بعد الزوال في اليوم الثالث عشر ، وهو أفضل ؛ لقوله تعالى : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
وإن غربت عليه الشمس قبل أن يرتحل من منى لزمه التأخر والمبيت والرمي في اليوم الثالث عشر ؛ لأن الله -تعالى- يقول : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ .. واليوم اسم للنهار ، فمن أدركه الليل فما تعجل في يومين لكن إن شرع في الخروج أو الرمي ثم غربت الشمس فله أن يتعجل .
المرأة الحائض : والمرأة إذا حاضت أو نفست قبل الإحرام ثم أحرمت ، أو أحرمت وهي طاهرة ثم أصابها الحيض أو النفاس وهي محرمة ، فإنها تبقى في إحرامها ، وتعمل ما يعمله الحاج من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى ؛ إلا أنها لا تطوف بالبيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر من حيضها أو نفاسها .
لكن لو قدر أنها طافت وهي طاهرة ثم نزل عليها الحيض بعد الطواف ، فإنها تسعى بين الصفا والمروة ، ولا يمنعها الحيض من ذلك ؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة .
طواف الوداع : فإذا أراد الحاج السفر من مكة والرجوع إلى بلده أو غيره لم يخرج حتى يطوف للوداع بالبيت سبعة أشواط إذا فرغ من كل أموره ولم يبق إلا الركوب للسفر ؛ ليكون آخر عهده بالبيت ، إلا المرأة الحائض فإنها لا وداع عليها ، فتسافر بدون وداع ؛ كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض )) متفق عليه ، وفي رواية عنه قال : كان الناس ينصرفون من كل وجه ، فقال النبي : (( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )) رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه . وعن ابن عباس : (( أن النبي رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت للإفاضة )) رواه أحمد . وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت : حاضت صفية بنت حيي-رضي الله عنها- بعدما أفاضت ، قالت : فذكرت ذلك لرسول الله فقال : (( أحابستنا هي؟ )) قلت : يا رسول الله ! إنها قد أفاضـت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة ، قال : (( فلتنفر إذاً )) متفق عليه .
فإن طال بقاؤه بعد طواف الوداع أعاد إلا إذا كان لانتظار رفقة ، أو لإصلاح مركوبه وشد رحله ، أو لأمور يسيرة كغداء ، أو شراء حاجة ، ونحو ذلك .
0 التعليقات لموضوع "أحكام أيام التشريق ، وطواف الوداع,أحكام أيام التشريق ، وطواف الوداع"
الابتسامات الابتسامات