ورد في تنبيه الغافلين للسمرقندي أن سفيان بن الحصين كان جالساً عند إياس بن معاوية فمر رجل فنال منه سفيان فقال إياس اسكت ثم قال يا سفيان هل غزوت الروم ؟ فقال لا قال هل غزوت الترك ؟ قال لا .... فقال سلمت منك الروم وسلمت منك الفرس ولم يسلم منك أخوك قال سفيان فما عدت إلى ذلك بعد .
فأردت أن أسوق هذا النقل في مقدمة حديثي عن دعوة أوجهها لكل عامل في حركتنا الإسلامية أن يحفظ كل منا لسانه عن الغيبة التي تأكل الحسنات وأن يركز في حديثه على كل ما يفيد ويضيف إلى ميزان حسناته فالخوض في حق الناس يدل على سوء السريرة ويؤكد على فقدان الاتجاه الصحيح لأن وراءنا أعمالاً كثيرة ولا يصح أن يأخذنا سخط على بعض الناس فيصبحوا محور حديثنا في كل وقت وحين . وعلى المسلم أن يختار من الأعمال ما يكون فيها نفع له فلا شأن لك أيها العاقل الأريب بكل ما ليس فيه ثواب لك فكيف بمن يبحث عن شخص يلقي إليه بحسناته أو يحمل عنه أوزاره بالتجاوز في حقه !! ولقد جاء في الحديث { وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار إلا حصائد ألسنتهم } إننا بحاجة إلى توفير الجهد لكي ندعو إلى الله ونسعى للدفاع عن الدين ضد أعداء الإسلام الذين استباحوا الديار وأهدروا الدماء وسلبوا الخيرات واستهزأوا بدين الله وتعرضوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيذاء .
ولابد أن يعلم كل خائض في حق إخوانه أو معتد على حقوق الناس أنه سيلقى نفس المصير فالجزاء من جنس العمل ولذلك يوضح حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله { من كف غضبه كف الله عنه عذابه ومن خزن لسانه ستر الله عورته ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره } فمن امتنع عن إنفاذ غضبه في الناس فإن الله يرفع عنه العذاب يوم القيامة لكونه كان قادراً على البطش ولم يفعل ذلك . وأيضا من كف لسانه عن الخوض في حق الناس و انتهى عن فضحهم وتجريحهم فإن الله يستر عورته ولا يفضحه في الدنيا و الآخرة بخلاف من تتبع عورات الناس فإن الله يتتبع عورته ويفضحه مثلما فضح الناس وكشف سترهم ولقد حذر القرآن الكريم من الغيبة فقال { ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقو الله إن الله تواب رحيم } وفي هذا المعنى القرآني أورد السمرقندي في : تنبيه الغافلين أن إبراهيم بن أدهم استضاف أناساً فلما قعدوا على الطعام جعلوا يتناولون رجلاً { أي يشتمونه } فقال إبراهيم لهم الذين{ كانوا قبلنا كانوا يأكلون الخبز قبل اللحم وأنتم بدأتم باللحم قبل الخبز } كل هذا جاء في الغيبة التي هي ذكرك أخاك بما يكره فكيف بمن يبهت أخاه بكلام لم يقله البته والله تعالى يقول { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا } فليحذر كل مسلم من الوقوع في مثل هذا فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه وليجتهد فيما هو خير له وينشغل بنفسه بحثاً وتفتيشاً كي يصحح من مسيرته و سلوكياته فذلك هو سبيل الناجين وطريق العاملين ف {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده } كما جاء في الحديث الشريف هذا ولا يتعارض ما سبق من أقوال مع الصدع بكلمة الحق وبيان وجه الصدق والتصدي للبدع والمنكرات في حدود الآداب الشرعية عند أداء هذا الواجب . نسأل الله التوفيق والسداد والهداية لعصاة المسلمين إنه الموفق لكل خير والهادي إلى الطريق المستقيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
المقال للشيخ عبود الزمر
0 التعليقات لموضوع "كفوا السنتكم"
الابتسامات الابتسامات