امارس العادة السرية يوميا فهل من حل ؟؟

امارس العادة السرية يوميا فهل من حل ؟؟
السؤال


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشرفي (موقع الألوكة) الأفاضل، قارئ رسالتي الأخ المِفضَال العزيز، وبعد:
أولاً: أحبُّ أن أشكركم على هذا الموقع الإسلامي الهادف الرائع، والذي فيه كلُّ الخير والصلاح.

ثانيًا: أحبُّ أن أُشَخِّص لكم مشكلتي، وأرجو أن تهتمُّوا بها من أخٍ لكم مُجهَد جدًّا، ويريد أيَّ حبل للنجاة؛ لينجو ممَّا حلَّ به، وأرجو أن تنظروا إليها بعينٍ ليس فيها استحقار أو استهمال.

أنا شابٌّ في السادسة عشرة من عمري، كنت دائمَ العبادة والخير والصلاح، والله - تعالى - يعلم وهو خير العالِمين، وقد تعرَّفت في مُقتَبَل عمري قبل سنة تقريبًا على بعض أصدقاء السوء، والذين - كما تعلمون - يسحبونني إلى الشر، أغووني شيئًا فشيئًا؛ علَّموني مشاهدة الأفلام الإباحية، وبعد ذلك شرب الدخان، لقد تخلَّصت - وبفضل الله - من عادتين؛ ألا وهما: أصدقاء السوء، وشرب الدخان، ولكن العادة الثالثة والمدمِّرة، والسبب في القضاء على حياتي هي مشاهدة الأفلام الإباحيَّة، فأنا لم أستطع التخلُّص منها؛ فالشهوة تقضي على كثيرٍ من جوانب حياتي، منها العبادة ورضا الله وصحَّتي عن طريق الاستمناء وغيره، وشيئًا فشيئًا أصبحت لا أصلِّي ولا أذهب للجامع، فكلُّ ساعة تجدني جُنُبًا، أرجوكم إخوتي والله لو استطعت أن أبكي لبكيت، والله الذي لا إله غيره لا أعرف طريق النجاة منها، فكلُّ دقيقة تُراوِدني ولا أستطيع مقاومتها.

جزاكم الله خيرًا، وبارَك الله فيكم، ساعِدُوني؛ أين طريق النجاة؟ أين طريق التخلُّص منها؛ لأرجع لربي - عز وجل - تائبًا؟

أرجوكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب

أنت -يا بني- خطوت الخطوة الكبرى في الطريق إلى النجاة، وهي قطع العلاقة برفاق السوء، فأيُّ علاج ما كان لِيُجدِيَ لو أنك بقيت على صلة بهم، لأنك كنت ستبني بناء الخير وهم يهدمون، وتبتعد عن طريق الشر وهم إليه يدفعون. وكما قلتَ في رسالتك: إنهم يسحبون المرء إلى القاع! فاحمد الله على نجاتك منهم، واحرص على عدم العودة إليهم، وتجنّبْ في مستقبل الأيام أمثالَهم، ثم إذا كبرت وتزوجت -وأنت فاعلٌ ذلك ذات يوم إن شاء الله- ثم أنجبت البنين والبنات فتذكر الدرس القاسي الذي دفعت أنت ثمنَه في شبابك، فأبعدْهم عن كل رفيق سوء، وقرِّبْهم من كل صالح من الشبّان، ومثل ذلك فليصنع بأولاده من يقرأ هذا الجواب اليوم وله أولاد.

من عهد قريب أجبت عن مسألة قريبة من مسألتك ومشكلة شبيهة بها، وقد نشرها موقع الألوكة باسم "اليأس من صلاح النفس"، فارجع إليها فاقرأها، فإني أرجو أن تجد فيها المساعدة التي تبحث عنها. إذا قرأتها فتعال نكمل الحوار من هنا: أنت الآن محبوس في حلقة مفرغة، ولا سبيل إلى نجاتك إلا بأن تكسر هذه الحلقة لتخرج منها. ولكن كيف تكسرها وكيف تخرج منها؟

لنضع يدنا أولاً على سبب المشكلة، وهو هذه "الغريزة" القوية التي تدفعك وتسيطر عليك، ولنكن صادقين في حديثنا عنها. كنتُ أحدّث بعض المراهقين ذات يوم فخبّرتهم بأمرين: أولهما هو أن الاعتراف بقوة هذه الغريزة أمرٌ لا مناص منه، ولو أننا فهمناها وعرفنا مصدرها لعرفنا سبب قوتها. ما معنى الغريزة؟ الغريزة على وزن "فَعيلة"، وهذه الصيغة تأتي في اللغة العربية كثيراً بمعنى اسم المفعول، فإذا قلنا: فلان "قتيل" فإنما نعني أنه "مقتول"، أو فلانة "جريحة" فإنما نعني أنها "مجروحة"؛ فإذن معنى "غريزة" هو أنها "مغروزة"، أي أنها قد غُرزت في النفس البشرية غرزاً، فمَن غرزها؟ الله الذي خلقنا هو الذي غرز هذه الغريزة فينا، وإنما غرزها لتتحقق مصلحة الخلق بحفظ النسل، فلولاها لأعرض الذكور عن الإناث وانقطع النسل وباد الناس.

إذن فإن هذه الغريزة مفيدة حينما نصرفها في وجهها الصحيح، تماماً كما تصنع غريزة الجوع التي تدفع الفرد إلى الأكل، ولولاها لما أكل الإنسان ولَذوى جسمه ومات، فهي الغريزة المسؤولة عن حفظ الذات. ومن ثم فإن هاتين الغريزتين تتكاملان، إحداهما تحفظ الذات (أي آحاد البشر) والثانية تحفظ النوع (أي الجنس البشري).

والآن انظر وتأمل: لو أنك جعت فماذا تصنع؟ الجواب سهل بالطبع: تأكل. فلو أن في برّاد بيتك (أو ما يسمّيه أكثر الناس "الثلاجة"، و"البرّاد" هو اسمها في الشام، وهو أفصح بالنظر إلى وظيفة هذه الآلة وعملها)، لو أن في برّاد بيتك أكواماً من لذائذ الأطعمة وأطايبها، فهل تمضي في الأكل وتستمر فيه ولو شبعت ووصلت إلى درجة التخمة؟ لو أنك بدأت بالأكل ظهراً ومضيت تأكل وتأكل بلا توقف حتى الليل لقتلت نفسك! هذه واحدة، أما الثانية فهي الأهم: أيّ لذة يمكن أن يجد المرء إذا أكل على شبع؟ إنما يلتذّ المرء إذا أكل بعد جوع، أما إدخال الطعام على الطعام والأكل على شبع فليس أكثر من عمل آلي لا طعم له ولا لذة فيه، ولا يصنعه إلا من وقع فريسة لشهوة الطعام فصار عبداً للأكل ولم يعد الأكل عنده وظيفة هدفها البقاء في قيد الحياة.

إنك لا تحب أن تصبح عبداً لمعدتك، وسوف تحس بالقهر والإهانة لو أنك سمحت لنفسك بأن تسترقّها شهوةُ الأكل، فهل تحب أن تسترقّك شهوةٌ أدنى من شهوة الطعام أو أن تكون عبداً لما هو أهون من المعدة شأناً؟

لأعد إلى المراهقين الذين تحدثت معهم ذات يوم كما قلت آنفاً. لقد اعترفت لهم أولاً بأن الغريزة إنما هي غرس الله (والغَرْز والغَرْس أصلان متشابهان بالمعنى في لغتنا)، وما غرسته يد الله لا تنزعه يد بشر، وما غرزها فينا الله ولا غرسها في نفوسنا لنتجاهلها أو لنتعذب بها، بل لنصرفها في وجهها الصحيح. ولكن ماذا يصنع الشاب وماذا تصنع الفتاة، وكلاهما مغروزٌ فيه الشوق إلى لقاء نصفه الآخر، ماذا يصنعان إذا كانت هذه الغريزة تتفتح وهما على مقاعد الدرس، والمجتمع لا يسمح لهما بالزواج على سنّة الخالق في خلقه وسنّة نبيه في شريعته إلا بعد إنهاء الدراسة، أي بعد عشر سنوات من تفتح الغريزة واكتمالها؟ هل يُشبعها الشاب بمثل ما جئتَ تشكو أنت منه اليوم، وبما يصنعه كثيرون غيرك ولم لم ترتفع أصواتهم بالشكوى منه؟

هذه هي ثانية الحقائق التي حرصت على إيصالها إلى أصحابي المراهقين: إن إشباع الغريزة بهذه الطريقة ليس إلا كالشرب من ماء البحر. وما شرب ماء البحر؟ هل عرفتَه قَطّ؟ أمّا أنا فذقت ماء البحر عَرَضاً وأنا أسبح فيه، فوجدته مالحاً كريهاً لا يُساغ، وما كنت لأشربه مختاراً لأعرف ما يصنع بشاربه، ولكني قرأت القصص عمّن شربه. قرأت قصصاً عن قوم ضلوا طريقهم في البحر فقضوا فيه الشهر والشهرين على طوف أو قارب صغير، وبلغ بهم العطش أنّ حناجرهم تشققت ولا ماء لديهم، إنما ينتظرون قَطْرَ السماء فيتبلّغون منه ما يبقيهم في قيد الحياة، فإذا بلغ بأحدهم العطش مبلغاً فاق احتماله مَدَّ يده إلى البحر ليشرب من مائه، فمنعه أصحابه وقاتلوه ليصدّوه وقاتلهم ليصل إلى الماء، فإذا غلبوه أنقذوه، وإذا غلبهم فشرب الماء لم يملك إلا أن يشرب منه المزيد، وكلما شرب منه ازداد عطشاً وازداد به رغبة وإليه شوقاً، لأن ماء البحر ظاهره ماء يروي وحقيقته ملح يعطّش، ولا تكون نهاية الرجل -وقد أدمن شرب ماء البحر- إلا الهذيان أولاً ثم الجنون، ويغلب أن يموت من كثرة ما يشرب من الملح أو يرمي بنفسه في اليم ليخلّص نفسه من العذاب.

هذا الذي وصفته لك قبل قليل حقيقة قرأتها في قصص كثيرة كتبها أصحابها مما رأوه وعاشوه، لم ينسجوا هم أحداثه من الخيال ولا بالغت أنا في نقله إليك، فهل يقبل عاقل يقرأ هذا الوصف أن يشرب -من بعدُ- من ماء البحر؟

إن إشباع الغريزة بالطريقة التي وصفتَها في رسالتك كشرب ماء البحر. أنت نفسك تعرف ذلك قبل أن يخبرك به غيرك، ولا علاج إلا بالتوقف الفوري. اكسر الحلقة واخرج منها. لقد قرأتَ "وصفة" في جوابي الذي أحلتُك عليه (اليأس من صلاح النفس) فطبِّقْها، وأضف إليها هذه الوصايا:

(1) غيِّرْ عاداتك الاجتماعية المنزلية، فلا تحبس نفسك في غرفتك الخاصة ولا تغلِقْ عليك بابك، بل أبقه مفتوحاً واختلط بالآخرين من أهل البيت وشاركهم حياتهم الاجتماعية. وإذا كان حاسوبك من النوع الثابت فانقله إلى غرفة المعيشة التي يجتمع فيها أهل البيت، فإنك تجد نفسك تحت أعينهم فتنجو من الاستجابة لوسوسة الشيطان.

(2) نَمْ في الوقت الذي ينام فيه أهل البيت وقُمْ من فراشك حين يقومون، ولا تجعل لنفسك عادة المخالفة بأن تسهر وهم نيام وتنام وهم مستيقظون، فبئست العادة هذه، والشيطان إنما يصطاد المنفردَ من الشبان كما يصطاد الذئبُ من الغنم القاصيةَ، ولا سيما المنفرد بليل، إلا أن يكون الذي أسهرَه طاعةً لله وقياماً بين يديه أو مناجاةً له في هدآت الأسحار.

(3) تجنب النوم وحدك منفرداً في غرفة خاصة. ليكن نومك مع بعض إخوتك في غرفة مشتركة، وإذا تعذر عليك ذلك فلا تذهب إلى السرير إلا إذا أنهكك النعاس وتأكدت من أنك سوف تستلم للنوم بلا صعوبة.

(4) ابحث عن بدائل تشغل بها وقتك، كالقراءة والرياضة والهوايات المتنوعة، ما كان مفيداً منها أو ما كان مسلياً فحسب، وشارك بها غيرَك، من أخ أو قريب أو صاحب صالح، فيشجع أحدكما الآخر.

(5) اختصر الوقت الذي تمضيه في البيت. إذا وجدت نفسك بلا عمل فغادر البيت وتمشَّ في الطريق، أو زُرْ بعض الأقارب أو الأصدقاء الصالحين، أو ادعُ لزيارتك بعض أصحابك الذين تأنس بهم ويساعدونك على الخير، وإذا لم تفعل أياً من ذلك وبقيت في البيت فاجلس مع بعض أفراد عائلتك في جو مفتوح.

(6) ارتبط ببرامج وأنشطة ذات مواعيد ثابتة، كدورات علمية (لتعليم الكمبيوتر أو اللغات مثلاً)، فهذه سوف تسحبك خارج البيت في مواعيد محددة وسوف تكلفك بواجبات تستغرق بعض وقتك.

(7) وأخيراً: تقرَّبْ إلى الله بالنوافل والطاعات، ولكن لا تندفع اندفاعة قوية هي إلى ردود الأفعال أقرب، بل امش في طريق العبادة والطاعة بتؤدة وثبات، واحرص على أن يكون يومك خيراً من أمسك وغدك خيراً من يومك، وأوغل برفق فإن هذا الدين متين، وما شادّه أحدٌ إلا غلبه.

بعد ذلك كله: هل ستعود إلى المعصية؟ يغلب على ظني أنك سوف تعود، لأن الشيطان لن يتركك ولن يقبل الهزيمة بسهولة، ولأنه يجد من نفسك عوناً له بسبب هذه الغريزة القوية التي تحدثنا عنها من قبل. فماذا تصنع؟ كلما وسوس لك الشيطان وقاربت المعصية استجمع قوتك كلها واقذفها مرة واحدة، فلعلك أن تغلب نفسك الأمّارة بالسوء بإذن الله، أما لو بدأت ببعض الممانعة ثم ببعض المقاومة فإنك سوف تشتت قوتك وتبعثر إمكاناتك، وسوف تنهزم في المواجهة لا قَدّرَ الله.

ولكن هَبْ أن هذا حدث فعلاً، فماذا تصنع؟ نصيحتي الأخيرة لك وأختم بها: لا تيأس ولا يدفعك الوقوع في حرامٍ إلى القنوط والوقوع في غيره، ولا تُخجلك ذنوبُك فتبعدك عن ربك. لا تبتعد عن الله، بل تذكّرْ أن الله قريب منك في كل حال وأن بابه مفتوح، وعاهد نفسك: "لو عدتُ إلى المعصية فسوف أعود إلى التوبة"، وذكر نفسك مرة بعد مرة بأن الله تواب، يتوب على عبده ولو أتاه بأحمال وأثقال من المعاصي، وإنما سمى نفسه "التوّاب" لأن وزن "فعّال" في اللغة يفيد المداومة والتكرار، فلو أذنب العبد ألف مرة وتاب ألف مرة غفر له ربُّه ألف مرة... فاطرق باب الله العفوّ الغفّار التوّاب في كل وقت، تجده تجاهك وتجد رحمته قريبة منك، واطلب منه العون بأن يبغّض إلى قلبك معصيته وأن يحبب إليك طاعته، فإنك إذا اقتربت منه شبراً اقترب منك ذراعاً، وإذا اهتديت بفعلك وإرادتك زادك هدى برحمته وتوفيقه. أليس تبارك وتعالى يقول: ﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى ﴾؟

أسأل الله أن يحفظك بحفظه وأن يهديك بهداه، وعليك رحمة الله والسلام والبركات.
تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.

عن الكاتب

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى

0 التعليقات لموضوع "امارس العادة السرية يوميا فهل من حل ؟؟"


الابتسامات الابتسامات